يا لغرابة هذا العالم وما أكثر تناقضاته ويا لهول ما آل إليه الحال التي يعامل فيها النظام الهاشمي شعب الأردن الطيب فبالأمس قامت قوات الإستخبارات العسكرية بإلقاء القبض على مواطن مدني في تعدٍ صارخ على الدستور حيث أن المخول لإعتقال المدنيين هو جهاز الأمن العام والمخابرات وليس الأستخبارات العسكرية التي إقتادته إلى المعتقل وقام عناصرها بتعذيبه حتى سقط جثة هامدة بيد من فقدوا إنسانيتهم وأستحلوا أعراض ودماء الشعب، سقط نجم احمد العزايزة الزعبي شيهدا وشاهدا على ظلم النظام المستبد الذي زاد قمعه وتهديده للشعب إذ بدأ الشعب يدرك بأن الطريق إلى الحرية قصير جدا ولكنه محفوف بالمخاطر.
في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا في ولاية ماساتشوستس يواجه مراهق عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى ٥ سنوات بعد اتهامه بقتل بطة إن تم إدانته، وترى المسؤولة في إحدى جمعيات الرفق بالحيوانات في الولاية بإن العنف تجاه الحيوانات لدى الأطفال غالبا ما يتطور إلى ضرب طفل آخر أو ضرب مسن وفي حال ظن الطفل انه يمكنه الافلات من العقوبة سيستمر بالعنف.
أما في الأردن فالبشر لا يصلون لقيمة البطة فمن عذب وقتل الشهيد نجم احمد العزايزة الزعبي وقبله قام بإغتال الشهيد خيري جميل السعد أول شهيد في سبيل الحرية والإنعتاق من النظام الهاشمي النازي ومن قتل الشرطي أحمد الصبيحي قبلهما لا زال يبطش بالشعب ويقتل كل من تسول له نفسه بالمطالبة بحريته لأن أفراد تلك الأجهزة القمعية فوق المسائلة القانونية ولا رادع لهم والتعذيب في المعتقلات التابعة للمخابرات وللإستخبارات العسكرية وكذلك في السجون وأماكن الإحتجاز المؤقتة التابعة للأجهزة الأمنية هو أحد الأمور الروتينية هناك لإنتزاع الإعترافات وخصوصا في قضايا أمن الدولة وكذلك تستخدم صنوف متنوعة من التعذيب كعقوبات تأديبية وهذا مثبت في تقارير مانفريد نوفاك مقرر الامم المتحدة الخاص لشؤون التعذيب كما يؤكد ذلك أيضا المركز الوطني لحقوق الإنسان، إن أحد المرتكزات الأساسية لأي نظام ديكتاتوري هو أجهزة أمنية وظيفتها الأساسية حماية النظام وترسيخ العقيده الإنهزامية والفكر التقهقري في صفوف الشعب من خلال نهج يبيح لها إنتهاك حقوق الانسان وإذلاله... إلى متى سنقبع تحت إحتلال هذا النظام السادي الذي يستمتع بأنين الضعفاء والمقهورين، لتستمع قلة قليلة بترف الحياة بينما نموت جوعا في أزقة المخيمات والجنوب والمحافظات!
إليكم تجربتي الشخصية مع فرسان الباطل مع أني أحاول جاهدا أن ألجم ذاكرتي وأكبح جماحها لأن أطلاقها يسبب الكثير من الألم لي ولكل من حولي، وأحاول دائما أن أخفي جراح الماضي وأسعى جاهدا لربطها بشخوص لا بأماكن لكي لا يتأثر حبي لوطني. ولكني أجد نفسي أضطر أحيانا للبوح بما حل لجسدي الذي كان محاصرا ولقلمي الذي كان أسيرا. لم تبدأ حكايتي من هنا ولم تنتهي بعد بكل تأكيد ولا أدري هل أنا من أختار هذا المصير أم أن قدري أن أحيا غريبا بعيدا عن كل ممن أحب من شخوص رسموا معالم شخصيتي وأماكن كونت فيها أحلام المستقبل.
بعيدا جدا هناك بعد أشهر فقط من بدأ دراستي الجامعية قررت إطلاق مجلة 'صوت الطالب الحر' وهي مجلة تعنى فقط بهموم الطلاب ومع ذلك رفض العديد من الزملاء مساعدتي ولم أستوعب فكرة خشيتهم من المخابرات حينها حيث أن المجلة لا تنتقد نظام الحكم وإنما تنتقد أمور ذات صلة مباشرة بهموم الطالب كالمواصلات والرسوم الجامعية وبعض سلوكيات الأساتذة كالتميز بين الذكر والأنثى خصوصا بعد أن عرض أحد الطلاب صراحة على أستاذ جامعي فكرة تركيب جهاز تناسلي صناعي عله ينجح في مادته. صدر العدد الأول والأخير لأفاجئ بمندوب المخابرات أمامي يقتادني إلى مكتبه في الجامعة وبصراحة لم أكن أعلم بأنه يوجد مندوب رسمي للمخابرات في كل جامعة وفي كل مدرسة وفي كل مكتب حكومي وفي كل فندق وفي كل سوق وشارع، بالمناسبة لم تكن تلك المرة الأولى التي أحل فيها ضيفا على المخابرات حيث تم إستدعائي مع ولي أمري وأنا طالب في المرحلة الأعدادية بسبب كلمة ألقيتها في المدرسة وأكثر ما أثار غضب الضابط وقتها هذه الجملة (..... لا يهمني كطالب عربي بأن أعرف من فتح الأندلس وفي أي عام، بل يهمني أن أعرف من باع فلسطين وماذا كان الثمن...) وأصر وقتها بأن شخصا آخر قد كتبها لي! فتح ضابط المخابرات في مكتب الجامعة ملف موضوع أمامه وسألني مجموعة أسئلة عامة ثم طلب مني أنصرف.
في فترة التسجيل للفصل الدراسي اللاحق وبينما كنت أسير قرب مكان سكني مع أحد أصدقائي في حدود العاشرة مساءا لفت إنتباهنا سيارة مرسيدس متوقفة بالقرب من منزلي ويوجد بها شخصان خرجا منها عند إقترابنا من المنزل وبعد طلبهم منا إبراز بطاقة الهوية الشخصية طلبوا مني أن أرافقهم. وإنطلقنا نحو مبنى دائرة المخابرات العامة وأدخلوني إلى المبنى ووضعوني في مكتب الإستقبال للتفتيش وبعد نصف ساعة تقريبا تم إدخالي لأحد المكاتب وبقيت لمدة طويلة حتى جاء أحد الضباط وأعطاني ورقة وقلم وطلب مني أن أكتب أسماء جميع من شارك في كتابة المجلة وإسم كل شخص أعرفه، وخرج من المكتب وتركني وحيدا حتى صباح اليوم التالي حيث دخل ضابط آخر وراح يصرخ لأني لم أملئ الورقة بالأسماء ولأني ذكرت بأني فقط من كتب المجلة، وأدخلني إلى غرفة أخرى في طابق سفلي على ما بدى لي حيث وضع غطاء أسود على رأسي وسمعت هناك أصوات بكاء وعويل وأنين وأجلسني على الأرض القرفصاء وطلب مني عدم التحرك وعدم نزع الغطاء وبقيت هناك لساعات حتى حضر شخص يكنى بأبو عقاب ونزع الغطاء عن رأسي بعد أن صفعني عدة صفعات على مناطق متفرقة من جسدي وقام أحد الأفراد أو الضباط لا أدري تماما بالتدخل وأقنعني أن أذكر أسماء من شارك بالكتابة فأخبرته أنني من كتب المواضيع الأساسية والبقية جمعتها من مواقع الإنترنت ولكنه طلب من أبو عقاب بأن يقنعني بطريقته حيث ضربني بعكازة كان يحملها على رأسي مباشرة ثم 'مدني فلقة' ولم يشفع لي توسلي الرحمة حتى فقدت الوعي، ووجدت نفسي على الأرض وتم سؤالي من قبل شخص أعتقد أنه طبيب أو ممرض إن كنت أعاني أو أي أحد من أفراد أسرتي بأحد أمراض القلب أو الضغط أو السكري فأجبته بالإيجاب وعندها تم نقلي إلى أحدى الغرف وتم إطلاق سراحي بعد إسبوعين.
لم يتم إخبار أهلي بمكان إحتجازي بشكل رسمي من قبل المحتجزين ولكن صديقي أخبرهم بذلك ومع ذلك لم يتمكنوا من رؤيتي هناك وعند مراجعتهم دائرة المخابرات أخبروهم بأنه تم نقلي إلى مقر الدائرة الرئيسي وعند مراجعتهم المقر الرئيسي أخبروهم بأنه لا داعي للقلق وسيطلق سراحي بعد إتمام التحقيق وهكذا ولمدة أسبوعان وأنا تحت التهديد بأنه سيتم تحويلي لمحكمة أمن الدولة بتهمة إصدار منشورات تحرض على العصيان ودون أخذ تصريح والقدح والذم والتحقير إضافة إلى تهمة خدش الحياء العام وأقتصر تعذيبهم لي في تلك الفترة بعدم السماح لي بالنوم بشكل منتظم ولكن في فترات متقطعة وتحذيري بشكل متكرر من قبل أحد الضباط بأنه يمكن أن أتعرض للإغتصاب في حال لم أتقيد بالتعليمات وكان يطلب من أن أجلس القرفصاء أوالوقوف مع رفع اليدين وأحد الأرجل لأعلى بشكل متكرر وفي آخر أيام إعتقالي طلبني مسؤول في الدائرة وطلب مني أن أتعهد بعدم تكرار ما فعلت لأنه لم يرد أن يدمر مستقبلي ولأنه يشعر بالحزن على أفراد عائلتي الذين ' تمرمطوا بسببي' كما قال، كل ذلك العقاب الجسدي والنفسي كان بسبب إنتقاد بعض العاملين في الجامعة أما التوقيت فقد أختير بعناية حتى لا يتسنى لي التسجيل للفصل الدراسي ذاك. يا لغبائهم ألا يدركون بأن الحر يزداد إصرارا كلما زاد حجم الضغوط عليه لأنه يشعر بقوته المؤثرة فيستمتع بتخبطهم!