من قلم : صالح ابو طويلة
قبل ايام حدثت انتفاضة الرعيان ومربي المواشي بالقرب من عمان احتجاجا على بعض القرارات الحكومية التي تهدف بالطبع الى الاطاحة بما تبقى للاردنيين الفقراء من ثروة حيوانية والتي هي المصدر الوحيد لعيش آلاف الاسر وهذه الانتفاضة التي استمرت بضع ساعات والتي تدخلت فيها قوات الأمن لانهائها بعدما تعرضت قوات الشرطة للرجم من قبل المتظاهرين الذين رفعوا شعار( اردن بلا مواشي عام 2010 م) ثم اضرموا النيران في اطارات السيارات احتجاجا على تلقهر والظلم وسياسات التفقير والتجويع
كما أذاق هؤلاء الرعيان الثائرون احد المسؤولين البيروقراطيين المتواجدين للتهدئة طعم العقالات المرعزية السوداء المؤلمة يرافقها ابيات من شعر الحداء البدوي التي تندد بالجوع والظلم ... تلك هي نتائج اغفال ملايين الصرخات التي اطلقها الانسان الاردني منذ سنين يطالب بالحلول لمشاكله ومعاناته في حين تركته الدولة في تلك المأسدة لوحده وبلا معين ولا رحمة سوى شعارات الكذب والخداع والتسويف في حين تنشغل الحكومات باقامة الاحتفالات والمهرجانات وجميع مظاهر البذخ والتبذير والبهرجة والتطبيل والتزمير حيث اصبحت تلك المظاهر الفوضوية التضليلية سلوكا وسمة طبيعية في تلك الحكومات كما بدا بان تلك الحكومة الحالية تمهد برفعها المستمر للأسعار الى تعويمها كليا العام القادم...
ان هذه الانتفاضة وان كانت صغيرة في زمنها ومكانها الا انها بدت تعبيرا واضحا عن مدى السخط والقرف الذي بات يعيشه المواطن جراء اطنان القرارات المتراتبة المنهكة والمذلة التي تنزع لقمة الخبز ورشفة الحليب من أفواه اطفال هذا الانسان المسكين كما انها جاءت تعبيرا واضحا عن فشل أصحاب القرار في إيجاد حلول ناجعة لمشاكل الأردنيين الاقتصادية والاجتماعية وخصوصا الطبقات الفقيرة التي باتت تشكل ثلاثة أرباع الأردنيين كما انها أعطت مؤشرا واضحا على مدى الوعي السياسي والطبقي الذي بدأت يتسلل الى عقول الفلاحين والبدو والذين هم ابعد ما يكونون عن امور السياسة ومنازعاتها مع ان تلك الفئات كانت سابقا من اقوى الفئات المؤيدة للدولة الاردنية وحكوماتها ... ولكن هل كانت انتفاضة الرعيان هي الاولى في هذا العام ؟...
الجواب: كلا فقد سبقها اضرابات واعتصامات كثيرة ومتنوعة توزعت في كافة انحاء المملكة جاءت تعبر حقيقة عن بدايات احتدام النضال الطبقي في الاردن فمن اضراب عمال البوتاس الى اضراب عمال الفوسفات مرورا بإضراب سائقي القطارات في سكة حديد العقبة مرورا بإضرابات عمال المصانع في المناطق المؤهلة من البنغاليين وباقي العمال الاجانب المستغلين سواء العاملين في حرفة القطن وقطاع الغزل والنسيج او صناعة الألمنيوم مرورا باحتجاجات عمال مصفاة النفط مرورا بإضراب عمال شركة الاتصالات مرورا باعتصامات وإضرابات عمال المياومة في القطاع الزراعي المتتالية كما حدثت إضرابات أخرى هنا وهناك كإضرابات عمال المياومة في قطاع المياه والسياحة وأيضا هناك إضراب المهندسين في وزارة التربية والتعليم ومهندسين في مواقع متعددة كما يأتي أيضا إضراب الممرضين ولا نستطيع أن نقف على العدد الهائل للإضرابات التي نفذت ونجح اغلبها في تحقيق أهدافه وفرض مطالبه على أرباب العمل المستغلين او على الحكومة التي لا تملك الا ان تستجيب لتلك المطالب بعد ان بدت في حالة من التخبط في سياساتها وخططها فجميع تلك الإضرابات عمت الاردن طيلة هذا العام ولا زالت هذا اذا ما استثنينا الاحتجاجات السياسية سواء على قضية تزوير انتخابات البلديات او على مختلف القضايا السياسية والمتابع لحال الأردن وحال الحكومة التي باتت تعاني حالة من الإفلاس تغطيها بدعاية إعلامية فاشلة تقنيا ومهنيا اذ بات الجوع هو صاحب القرار والقناعة داخل تفكير المواطن الاردني ولن تنفع تلك الدعايات الديماغوجية والأقلام الصحفية الرخيصة من كتاب الدعسة السريعة التي تقبض الاثمان المرتفعة مقابل الترويج لقرارات تلك الحكومة المترنحة ولسياساتها الاقتصادية والسياسية الفاشلة ولن تنفع ايضا التطمينات واساليب التخدير المغفلة واساليب التسويف وايهام الشعب بأن الاحوال ستتغير ... ان ظاهرة الإضرابات والاحتجاجات بدت وكأنها حالة شبه أسبوعية في الأردن فما ان ينتهي اضراب عمالي هنا حتى يبدأ اضراب آخر في قطاع آخر وما ان ينتهي هذا حتى نفاجأ باعتصام هناك لفئة تعاني الاستغلال والإجحاف وما ان ينتهي هذا الاعتصام حتى تتحرك السجون تموج هنا وهناك مطالبة بتحقيق المعاملة الآدمية للسجناء الأردنيين وكلنا يعلم بأن اكثر من سبعة حوادث خطيرة شملت السجون الأردنية هذا العام اعتصم فيها مئات السجناء احتجاجا على سوء المعاملة والاضطهاد وهذا ما اثبتته تقارير لجان حقوق الإنسان الغربية ’ ونأتي الى تلك الحالة الغليانية التي يشهدها المجتمع الاردني والتي تعكس مدى الفجوة بين القمة والقاعدة والسؤال الذي يطرح نفسه ترى كيف ستكون ردة فعل الفقراء الاردنيين في حال رفع أسعار مشتقات النفط العام القادم وتعويم الأسعار ورفع أسعار جميع السلع هل سترضى تلك الجماهير المقهورة بذلك الظلم والاضطهاد والفقر والمرض ام ان العمل النضالي سيتطور من الاضرابات الى الانتفاضات الشعبية وهذا الامر ليس ببعيد بل هو متوقع اشد التوقع وان غدا لناظره قريباذا كنا حقا دولة فقيرة ونعيش على المنح والمعونات فهذا لا يعني ان لا نفكر في مصيرنا ومصير تلك الأجيال القائمة والقادمة بجدية وصدق .. كنتم من قبل تأخذون النفط من صدام مجانا وتبيعونه على الشعب بأسعاره العالمية وفي السوق السوداء خارج الأردن ولكن ألم تفكروا ولو هنيهة بان تلك النعمة قد تزول في يوم من الأيام فما هي الاحتياطات التي اتخذتموها من اجل مواجهة تلك الحالة ام ان تفكير المسؤول في بلدنا ادنى من تفكير العجائز او بحسب رأي فيصل الفايز بأن بلدنا ( مرزوقة) على طول وهذه هي الحلول الميتافيزيقية التي يتذرع بها المفكرون الأردنيون وأصحاب القرار فما الذي يهم صاحب القرار ؟؟ يهمه فقط ان يحشو جيوبه من مال الشعب ويزرع أقاربه في المناصب و الوظائف ويساوم مع ذلك على وطن الأردنيين... لقد وصلكم من صدام بحسب الإحصائيات العراقية الرسمية نفطا بقيمة 40 مليار دولار طيلة عقدين من الزمن ...
فأين ذهبت ريوع تلك المنح أين ذهبت تلك المليارات هل بنينا فيها المصانع الحديثة المتطورة وشغلنا الأيدي العاملة الأردنية وهل أسسنا زراعة وطنية حقيقية منتجة تكفل تغطي حاجات بلدنا وتكفل للمواطن الأردني بأن يتوفر له في شهر رمضان كيلو من الطماطم وهل شيدنا مدارس حكومية حديثة لا تتسرب مياه الأمطار من أسقفها لتأتي على رؤوس الطلبة وهل أسسنا اقتصادا إنتاجيا وتخلصنا تدريجيا من اقتصاد الاستجداء والشحدة والبهرجة وهل شيدنا البنى التحتية الحديثة كالطرق والسكك الحديدية لننتقل من الدرجة الثانية في دول العالم في إحصائيات حوادث الطرق هل أسسنا نظاما تعليميا متطورا يصدر لنا علماء ومفكرين ومنتجين بدلا من تفريخ آلاف الخريجين المكتبيين الذين لا يحسنون البديهيات وهل شكلنا ترسانة أمان اجتماعي تكفل حياة كريمة للعجزة والفقراء والمرضى وهل فكرنا بأن نبني اسكانات للفقراء والكادحين تحميهم من جور الزمان ومن بطش الملاكين العقاريين وهل فكرنا بأن نخلق تنمية مستدامة صادقة وحقيقية تنقل مجتمعنا من حالة التخلف والفقر المدقع إلى حالة العيش الكريم ...؟؟؟؟؟؟ وماذا بشأن ثمار السلام مع العدو الصهيوني ألم تعدونا بالسمن والعسل والخيرات والاقتصاد والقدرة الشرائية والإنتاج المتطور الذي سيحققه لكم أبناء عمومتكم الصهاينة ثم سنتأتي الى الموارد الطبيعية في الاردن وأهمها الفوسفات الذي يباع بسعر 5% من قيمته الحقيقية هذا المورد الذي لم نحسن التعامل معه .....
لقد قمنا بحشو شيوخ العشائر الرجعيين في تلك المصانع وأغدقنا عليهم الرواتب المجزية من اجل ان يستمروا في ممارسة عملية التعييش بينما تمارس الحكومة بحق الشعب سياسات التكديش ثم بعد سنوات اكتشفنا بان الفوسفات يخسر ولكننا لم نعترف بالحقيقة بل كابرنا ثم جاءتنا الحلول السحرية ذلك ان المفكرين الاقتصاديين الليبراليين الكمبرادوريين في الاردن سينقذون ما تبقى عن طريق خصخصة هذا المورد الحيوي فبيع بعدها بثمن بخس للشركات الأجنبية ومثله البوتاس ومثله ايضا الاسمنت وكافة الموارد الطبيعية التي لا يستهان بها فلماذا لم نفكر إذن بإنشاء إدارات متطورة لتلك المصانع والموارد بعيدا عن حشوها باللصوص والحرامية ولماذا لم نؤسس الى جانب تلك الموارد صناعات انتاجية متطورة ما دام المسؤولون الاردنيون يهيمون طيلة ايام السنة على وجوههم في بلاد أوروبا وامريكا ووآسيا فهل تعجز الاردن عن عقد اتفاقية مع اليابان وفتح مصنع إنتاجي مشترك إلى جانب مناجم الفوسفات لكي نشكل نواة صناعة حديثة ومتطورة بدل ممارسة الخرط والكذب على الأردنيين المساكين ... في احد تصريحات قفطان المجالي للحد من البطالة في معان قال سنفتح باب التجنيد لمائتي شاب ... فهل زرب الشباب الأردني في تلك المعلبات هو احد الحلول؟؟؟؟ وهل يمكن للمواطن الأردني ان يقول لا لمرة واحدة ام انكم ستتهمونه بالخيانة والنيل من هيبة الدولة والعمالة لجهات خارجية ........... ثم سنعرج على تلك المنح الخارجية وبالأخص الأمريكية التي تقارب المليار سنويا وتصرف ولكن كيف وأين تصرف ؟؟ فجميع قطاعات الدولة قد تم خصخصتها باستثناء قطاعي الصحة والتربية الطوقانية فهل يصرف هذا المليار حقا على التربية والصحة ونحن نرى مستوى التردي في الخدمة الصحية والتربوية الأردنية .... فلماذا إذن لا نشكل نواة صناعية استثمارية في جزء من تلك المليارات ثم نعلن للشعب عن قرارنا بشد الاحزمة الى حين ان تقف البلد على قدميها حقا ولماذا لا تكون نصائح شد الأحزمة و ومحاربة ثقافة العيب موجها الى ابناء الطبقة الباذخة المسيطرة ؟؟؟ أم ان الفقراء يلقنون فقط المواعظ والارشادات ليرضوا بحالهم وقدرهم ؟؟؟...... ثم نأتي مرة اخرى الى موازنة الدولة والقائمة على اقتصاد الريع واقتصاد المنح والشحدة وتحويلات الأردنيين المعذبين في الخارج ان ربع الموازنة يصرف على الأمن والجيش وهذا الأمر بحاجة الى اعادة النظر اذا ان تلك الفئات التي تستهلك بدون ان تنتج ويا ليتها تستهلك جزءا معقولا بل انها تأخذ الربع ولكن اذا كان مفهومنا للأمن هو العسكر والشرطة والسجن سنكون حقا أغبياء فالأمن هو مفهوم شامل مترابط فهناك الامن الغذائي والاجتماعي والاسري والقومي ... ومع ذلك فاننا نرى بان الحكومة توجه هذا الامن واولئك العسكر نحو قمع المدنيين فقط وعلى أي حال يمكن أيضا الاستعانة بمعدات وآليات الجيش لانجاز مشاريع تنموية مثلما يحصل في دول أخرى بدلا من ان يأكل الصدأ تلك المعدات والآليات
ثمة اسئلة كثيرة تجول في خاطرنا حول مصير هذا الوطن ومعاناة ابنائه وخاصة في الايام القادمة التي ستكون حقا صعبة على الكادحين الذين يجهلون مصيرهم ومصير اطفالهم ولكنني اتذكر قول ابي ذر الغفاري ( عجبت لمن لا يجد قوت يومه لا يخرج شاهرا سيفه على الناس) حقا انه الجوع او الثورة ومرة اخرى نطالب باطلاق سراح السجناء الأردنيين السياسيين وعلى رأسهم الدكتور المناضل احمد عويدي العبادي الذي علق الجرس قائلا ( الانفجار قادم ما لم تصوب الأوضاع) فقدم نفسه فداءا للأردن وأبناء الأردن وأطفال الأردن وتراب الأردن وهوية الأردنأدام الله الأردن وشرفاءه وأحراره
Thursday, September 6, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment